Selasa, 31 Ogos 2010

INFAQ HARTAMU -kHUTBAH SYEIKH SAID RAMADAN AL BUTI - 20 OGOS 2010

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:

لقد بحثت في كتاب الله عز وجل عن آيةٍ يقرر فيها بيان الله عز وجل أي ملكية من الإنسان للمال – أو لأي شيء يضع يديه عليه – فلم أجد في كتاب الله عز وجل ذلك، لم أجد في كتاب الله عز وجل ما يثبت أن الإنسان يملك شيئاً وإنما يقول عندما يتحدث عن المال وعلاقة الإنسان به يقول:

{وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد : 7].

أو يقول:

{وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور : 33].

ولكنه لا يقول: أنفقوا من المال الذي تملكون، ذلك لأن الإنسان بحد ذاته مملوك لله عز وجل فأنَّى للمملوك أن يكون مالكاً لشيء، العبد مملوك لله عز وجل والعبد وما ملكت يداه – بحسب الظاهر – ملك لسيده.

إذاً فالمال الذي تحت يد الإنسان سواء اصطنعه من العدم أو استخرجه زراعةً من الأرض أو ورثة من سابقه الذي مات من قبله أو ربي عن طريق التجارة التي نشط فيها. في كل هذه الأحوال لا يُعَدُّ الإنسان مالكاً لهذا المال الذي تحت يده.

ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى أذن له بل طلب منه أن يعود بهذا المال إلى نفسه وإلى ذويه، ينفق منه على نفسه وعلى ذويه، يأكل بهذا المال ما لذَّ وطاب، يبني لنفسه بهذا المال البناء الباذخ، يشتري به المركب الفاره، يؤسس داره بالأساس الرائع، لا حرج، هكذا يقرر الله، يقول:

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف : 32].

يقول:

{كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ : 15].

هكذا يعامل الله عز وجل عبده بالنسبة للمال الذي وضعه أمانةً تحت يديه ولكنه يقول لك أنفق من فضول هذا المال الذي بقي عندك بعد الذي أنفقته على نفسك وأهلك، بعد الذي متعت نفسك وأهلك به بأفانين مختلفة، أنفق من فضول هذا المال الذي جعلتك أميناً عليه على من ابتليتك بهم من الفقراء والمعوزين.

وانظروا إلى الأسلوب اللطيف العجيب الذي يخاطب به الربُّ سبحانه وتعالى عبدَه الذي استخلفه على المال الذي لا يملكه، يقيم الله عز وجل نفسه منه مقام المقترض ويقيمك منه مقام المقرض ويقول:

{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة : 245].

أرأيتم – يا عباد الله – إلى هذا الأسلوب الذي يعامل به الربُّ عبدَه. هو المالك لك والمالك لما أعطاك، يعطيك ويكرمك ثم يقول لك: ألا تقرضني شيئاً من هذا المال الذي عندك وأعدك أنني سأعيده إليك أضعافاً مضاعفة.

وهذا المال الذي يطلب الله عز وجل منك أن تقرضه إياه إلى أين يذهب؟ أهو يذهب إلى الله؟ ومتى كان الله عز وجل بحاجةٍ إلى رزقٍ أو مال وهو الرزاق وهو المعطي وإنما الذي يقترضه الله عز وجل منك إنما يتحول إلى عباد الله عز وجل الذين ابتلاهم الله بك، أفقرهم في الظاهر وهم أغنياء، أحوجهم في الظاهر وهم غير محتاجين. هذا المال إنما يذهب إلى هؤلاء الناس ولكن الله عز وجل مع ذلك يقيم ذاته العلية منك مقام المقترض ويقيمك منه مقام المقرض.

هنا أسمع كثيراً من الاعتراضات التي تذكرنا باعتراض السفلة المشركين عندما ووجهوا بمثل هذه الآيات، يقول قائلهم: ألم يكن الله قادراً على أن يغني هؤلاء الفقراء فما له أفقرهم وأغنانا؟

كان الله ولا يزال قادراً على أن يعطيهم مثلما أعطاك.

يقول قائلهم: وإنما جمع أحدنا المال الذي جمعه بعرق جبينه، بجهده، بقدراته وعلى هؤلاء الذين نطالَب بإعطائهم والتصدق عليهم أن يشتغلوا كما اشتغلنا وأن يعرقوا كما عرقنا، هكذا قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [يس : 47].

واليوم يرددها أخلاف أولئك المشركين وورثتهم، يقولون الكلام ذاته، فما الجواب عن هذا يا عباد الله؟

ألا فلتعلموا أيها الإخوة أن هؤلاء الذين نراهم في الظاهر فقراء ليسوا فقراء، لهم أموال زاكية وافية ولكن الله عز وجل جعل أموالهم في عهدتك أنت، جعل أموال هؤلاء الذين نحسبهم فقراء أمانةً تحت أيدي الأغنياء.

ويخطئ ويجرم الغني الذي يظن أنه هو المالك لكل هذا الذي يضع يده عليه.

الله سبحانه وتعالى أعطى عباده جميعاً القدر الكافي من الحاجة لكنه لحكمة باهرة وضع مال الفقراء واليتامى والمعوزين تحت يد الأغنياء والأثرياء المترفين ثم أمرهم أن يعيدوا الأمانة إلى أصحابها. وانظروا كيف يقرر المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة في الحديث الصحيح:

{إن الله جعل في أموال الأغنياء بالقدر الذي يسع فقراءهم ولن يُجْهَدَ الفقراء إذا جاعوا أو عروا إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله محاسبهم على ذلك فمعاقبهم فمعذبهم عذاباً شديداً}.

أسمعتم ما يقوله رسول الله؟ مال الفقير عهدة في يدك أنت وفي يد الآخر والآخر والآخر، والمطلوب من الأغنياء أن يعيدوا حقوق الناس إلى أصحابها.

ليست لك منة فيما تعطيه إن أعطيت هذا الفقير لأنك تعيد إليه ماله.

ولماذا وضع الله مال هذا الفقير في يدك؟ نعم وضعه في يدك امتحاناً وابتلاءً. أفتكون أميناً على هذا المال الذي ائتمنك الله عز وجل عليه فتعيده إلى أصحابه فيثيبك الله عز وجل الثواب الأوفى ويضاعف لك دخلك أم تتناسى وتتجاهل ذلك وتنام على المال كله كما تنام الدجاجة على بيضها وعندئذٍ يعاقبك الله في الدنيا قبل أن يعاقبك في الآخرة. هذه الحقيقة ينبغي أن نعلمها لاسيما في هذا الشهر المبارك.

عباد الله: دعوني أن أسألكم هذا السؤال الذي أخاطب به مشاعركم وإنسانيتكم:

رزقني الله عز وجل من المال الكثير والكثير، أنفقت منه على نفسي وتوسعت به على نفسي وعلى ذريتي وأهلي وتفننت في النعم التي أكرمت نفسي وأكرمت أسرتي بها ونظرت وإذا بفضول من المال كثير لا يزال تحت يدي، كيف أسعد نفسي بهذا المال الزائد الذي زاد عن ترفي وزاد عن النعم التي أتخليها، حققتُ ذلك كله، كيف أسعد نفسي؟ هل أسعد نفسي بهذا الزائد من المال – بفضول مالي – بأن أسعد بتعداد أرقامه كل يوم فأنتشي إذ أعلم الأرقام التي أتملكها؟ أم هل أسعد بأن أباهيَ به الناس في المجتمعات والمجالس أعلن لهم عن دخلي وعن ثرواتي الواسعة الهائلة العظيمة؟

لا والله أيها الإخوة، لن يسعدك هذا من مالك أبداً، إذاً ما الذي يسعدك – أتحدث عن فضول المال، الزائد عن دارك، عن مزرعتك، عن مركبتك، عن كل ما – لا أقول ما تحتاج إليه – بل كل ما تحلم به. إنما يسعدك هذا المال أن تذهب به فتطرق دار فقير من هؤلاء الفقراء الذين أسكنهم الفقر فيما يشبه الكهوف بل لعلها تذكر بالقبور، تنظر إلى هذه الأسرة لا تملك شبع بطنها، لا تملك قيمة الأدوية لمرضاها، لا تستطيع أن تجد غطاءً يقيها البرد في الشتاء ووسيلة تقيها الحر في الصيف. أدخل إلى هذه الأسرة وإذا البؤس مرتسم على وجه الصغار والكبار الذكور والإناث، وإذا الحزن مخيم على الدار كلها، تخرج من ذات يدك هذا المبلغ الكبير فتعطي هذا المبلغ لهذه الأسرة.

ما الذي يحدث؟ تنظر وإذا بالبؤس المخيم تحول إلى فرحة، وإذا بالحزن قد غاب وتحول إلى سرور، وإذا الوجوه قد أشرقت وإذا الفرحة قد عمَّت، وتعود فتنظر كيف أن الله سخرك أنت، سخَّر هذا المال الذي في يدك لتدخل الفرحة به إلى قلوب بائسة، لتدخل الفرحة به إلى أفئدة حزينة.

انظر إلى هذه الحالة التي مكَّنَكَ الله عز وجل منها بواسطة فضول المال الذي بيدك، كيف حولْتّ الأسى في أفراد هذه الأسرة إلى فرحة وسعادة. هاهنا تنتشي بالمال الذي تملكه، هاهنا تشعر بسعادة ما مثلها سعادة، بنشوة يشبهها الشاردون بنشوة شارب الخمر.

أجل هكذا يسعد الإنسان بفضول ماله. وها هي التي أوضحتها لكم.

عباد الله: بمقدار ما يكثر الغنى في مجتمعنا – وإن ليكثر – يكثر الفقر، بل أقول يكثر الفقر الذي يوصل إلى الأمراض ويوصل من شدة الأسى إلى حالة بين الموت والحياة.

زوروا كهوفهم، زوروا ما لا أستطيع أن أسمي منازلهم. انظروا إلى الوجوه البائسة ما ذنبها؟ لماذا تُفْصَلُ عنهم أموالهم؟ لماذا لا يُعْطَون أموالهم التي ائتمن الله الأغنياء عليها؟

والله إن الغني لا يملك شيئاً من هذا المال الذي تحت يده، وإن الفقير لغني وغني ولكنه ماله عهدة في يد هؤلاء الأغنياء.

ماذا تفعل بالمال يا ابن آدم؟

أما الطعام فأنت تأكل منه ما لذَّ وطاب وأما الدار الفارهة فأنت تتقلب فيها صباح مساء وأما الأثاث الفاره فأنت تتمع منه بكل ما تحلم به وأما المركبة بل المراكب فكل ذلك متوفر لديك، ما الذي ترجو بعد ذلك؟ ماذا تفيدك الأرقام بعد ذلك؟ ألم تسمع كلام رسول الله القائل:

{يقول العبد مالي مالي وليس له من ماله إلا ما أكله فأفناه ولبسه فأبلاه وأعطاه فاستبقاه}.

أجل، أيها الإخوة أقول لكم شيئاً: إن الأمة التي لا تتراحم لا يرحمها الله هكذا أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أعلم أن في بلادنا أغنياء لعل النار لا تستطيع أن تأكل أموالهم وإني لأعلم أنهم معرضون كل الإعراض عن الحقوق التي أقامها الله في أعناقهم في صناديقهم لمن نسميهم الفقراء لا يعودون من هذه الحقوق إلى أصحابها بشيء. إذاً ينبغي أن نعلم أننا معرضون لسخط الله، معرضون لعقاب الله، الأمة التي لا تتراحم لا يرحمها الله، ولقد كان رسول الله شديد الكرم وكان مضرب المثل في الكرم ولكنه كان أكثر ما يكون في هذا الشهر وكان يوصف كرمه في هذا الشهر بالريح المرسلة، ورسول الله قدوتنا.

إن لم يكن هؤلاء الأغنياء لهم صلة بكتاب الله ولهم صلة بدين الله أفليست لهم صلة بالإنسانية؟ أفليست لهم صلة بالمشاعر الإنسانية التي توَّجَ الله سبحانه وتعالى قلوبنا بها؟

كيف يتأتى للإنسان ألا يغص باللقمة يأكلها وبالثوب الفاره يلبسه وبالمركبة الرائعة يركبها متخايلاً متباهياً بها وهو يعلم أن هنالك فقراء يموتون من شدة الفقر.

أسر معوزة فيهم الأصم، فيهم الأبكم، فيهم المطروحة في فراش المرض الخبيث، فيهم الأخرى التي تبحث عن دواء لمرض أصابها فلا تجد قيمة لهذا الدواء وكثيرٌ منهم أعزاء متعففون لا يمدون يد المسألة، ولكن الله بالمرصاد.

ألا ليت كلامي يبلغ سمع هؤلاء المترفين، ألا ليت كلامي في هذه الساعة يبلغ سمع هؤلاء المترفين لعل يقظة تدركهم قبل فوات الأوان، لعل رحمة تستيقظ بين جوانحهم قبل فوات الأوان.

أسأل الله سبحانه وتعالى ألا يمسخ إنسانيتنا إلى ما يشبه الصخرة العاتية.

أسأل الله سبحانه وتعالى ألا يقطع الصلة ما بيننا وبينه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

KHUTBAH YANG SANGAT BERKESAN DI HATI.

Tiada ulasan:

Catat Ulasan